Guiding You to Market Success
خطة بنك التنمية الأفريقي لإنقاذ السودان: بناء القدرات وتعزيز الزراعة حتى 2026
Blog post description.
التقارير الاقتصادية
3/14/20251 دقيقة قراءة


في ظل الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي يعانيها السودان، يقدم بنك التنمية الأفريقي خطة طموحة لدعم البلاد حتى ديسمبر 2026. هذه الخطة تأتي كاستجابة للصراع الدائر منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية والمليشيا المتمردة (قوات الدعم السريع سابقًا)، والذي أدى إلى تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. التقرير الذي أصدره البنك يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه السودان، بما في ذلك النزوح الجماعي، انعدام الأمن الغذائي، وتدمير البنية التحتية. في هذا المقال، سنستعرض أولويات خطة البنك والخطة المالية التفصيلية، وكيف يمكن للسودان والقطاع الخاص الاستفادة منها لتحقيق التعافي والتنمية، مع استعراض النتائج التي حققها البنك في الفترة من 2017 إلى 2024، والدروس المستفادة، واستراتيجية تنفيذ الخطة.
تعتمد خطة بنك التنمية الأفريقي على مجالين رئيسيين: بناء القدرات لتحسين الخدمات الاجتماعية وتعزيز الزراعة لخلق فرص العمل وسبل العيش. هذه الأولويات تم تحديدها بناءً على التشاور مع الحكومة السودانية وشركاء التنمية الآخرين، وتستند إلى الاحتياجات الملحة للسودان في ظل الأزمة الحالية. في مجال تحسين الخدمات الاجتماعية، يركز البنك على تقديم الدعم الطارئ في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي. الهدف هو تحسين تقديم الخدمات الأساسية للسكان المتضررين من الصراع، خاصة النازحين داخليًا واللاجئين. تشمل الأولويات في هذا المجال إعادة هيكلة المشاريع الصحية القائمة لإنشاء مشروع متكامل لتعزيز النظم الصحية، دمج مشاريع المياه والصرف الصحي في برنامج واحد، وإعادة تأهيل المدارس ومراكز التدريب الفني والمهني.
في مجال الزراعة، يهدف البنك إلى تعزيز الأمن الغذائي وخلق فرص عمل من خلال زيادة الإنتاج الزراعي. تشمل الأولويات في هذا المجال زيادة إنتاج القمح في ولايات الجزيرة والشمالية، تحسين إنتاج المحاصيل الأخرى مثل الفول السوداني والسمسم، وإنشاء مراكز تدريب لتعزيز مهارات الشباب في مجال الزراعة والصناعات الصغيرة. هذه الجهود تهدف إلى زيادة الإنتاجية وتحسين سبل العيش، مع التركيز على تمكين المرأة والشباب.
الخطة المالية لبنك التنمية الأفريقي تعتمد على تخصيص موارد مالية من خلال صندوق التنمية الأفريقي (ADF) وصندوق الدعم الانتقالي (TSF). تشمل الخطة المالية التفصيلية تخصيص 151 مليون وحدة حسابية (حوالي 199 مليون دولار أمريكي) لمشاريع مختلفة. يتم توزيع هذه الموارد على مشاريع مثل إنتاج القمح الطارئ، القطاع الاجتماعي المتكامل، زيادة تغطية الخدمات الصحية للنازحين، وتخفيف الآثار السلبية على مرافق المياه. نظرًا للوضع الأمني المتدهور، سيتم تنفيذ المشاريع من خلال جهات خارجية مثل وكالات الأمم المتحدة، والتي لديها خبرة في العمل في بيئات النزاع.
بالنسبة للسودان، فإن الاستفادة من هذه الخطة تتطلب تعاونًا وثيقًا مع بنك التنمية الأفريقي وشركاء التنمية الآخرين. يمكن للحكومة السودانية أن تستفيد من هذه الخطة من خلال توفير المعلومات اللازمة عن الاحتياجات الفعلية على الأرض، وتسهيل عمل الجهات المنفذة، وضمان توجيه الموارد إلى المناطق الأكثر تضررًا. كما يمكن للدولة أن تعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المقدمة، مما يعزز ثقة المانحين ويزيد من فرص الحصول على تمويل إضافي في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للسودان أن يستفيد من الدعم الفني الذي يقدمه البنك في مجالات مثل الإدارة المالية العامة وإصلاح القطاع المالي، مما يساعد على تعزيز القدرات المؤسسية وتحسين البيئة الاقتصادية.
أما بالنسبة للقطاع الخاص، فإن هذه الخطة توفر فرصًا كبيرة للنمو والاستثمار. يمكن للشركات الخاصة المشاركة في تنفيذ المشاريع الزراعية، خاصة في مجال إنتاج القمح والمحاصيل الأخرى، من خلال توفير البذور المحسنة، المعدات الزراعية، والخدمات اللوجستية. كما يمكن للقطاع الخاص الاستفادة من مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، حيث يمكن للشركات المشاركة في بناء وتأهيل المرافق المائية والصحية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاريع التدريب وبناء القدرات توفر فرصًا للشركات الخاصة لتقديم خدمات التدريب والتأهيل للشباب والنساء، مما يساعد على خلق فرص عمل وتعزيز المهارات المحلية.
في الفترة من 2017 إلى 2024، حقق بنك التنمية الأفريقي نتائج ملموسة في دعم السودان. في مجال بناء القدرات لتحسين الخدمات الاجتماعية، تم تحقيق العديد من الإنجازات، بما في ذلك تدريب أكثر من 5,300 معلم (70% منهم من النساء)، وإعادة تأهيل 8 مراكز للتدريب الفني والمهني. كما تم بناء 20 خزانًا تحت الأرض، و11 ساحة مائية، و20 بئرًا ضحلًا، و14 بئرًا عميقًا لتحسين الوصول إلى المياه النظيفة. في مجال الصحة، تم تأهيل 7 مستشفيات وتدريب أكثر من 564 كادرًا صحيًا، مما ساهم في تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.
في مجال الزراعة، حقق البنك نتائج إيجابية من خلال مشاريع مثل "تمكين الشباب" (ENABLE Youth)، حيث تم تدريب أكثر من 1,800 شاب في مجال الزراعة وتمويل 1,000 مشروع زراعي. كما تم إنشاء 15 مركزًا لاحتضان المشاريع الزراعية وتدريب أكثر من 600 شاب في مجال سلاسل القيمة الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، تم إعادة تأهيل 8,000 هكتار من المراعي وإنشاء نظام للإنذار المبكر لمواجهة الجفاف.
من الدروس المستفادة خلال الفترة الماضية، أدرك البنك أهمية تعزيز القدرات المؤسسية لضمان استدامة المشاريع. كما أظهرت التجربة أن العمل مع جهات تنفيذ خارجية مثل وكالات الأمم المتحدة يمكن أن يكون فعالًا في بيئات النزاع، حيث توفر هذه الجهات الخبرة والمرونة اللازمة لتنفيذ المشاريع في ظل الظروف الصعبة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت التجربة أهمية المرونة في التخطيط والتنفيذ، حيث يمكن أن تتغير الأولويات بسرعة في ظل الأزمات.
استراتيجية تنفيذ الخطة حتى 2026 تعتمد على عدة عناصر رئيسية. أولاً، سيتم تنفيذ المشاريع من خلال جهات خارجية مثل وكالات الأمم المتحدة، مما يضمن المرونة والفعالية في ظل الظروف الأمنية المتدهورة. ثانيًا، سيتم التركيز على تعزيز القدرات المؤسسية لضمان استدامة المشاريع بعد انتهاء الصراع. ثالثًا، سيتم تعزيز التعاون مع شركاء التنمية الآخرين لضمان تنسيق الجهود وتجنب الازدواجية. أخيرًا، سيتم تعزيز المراقبة والتقييم لضمان تحقيق النتائج المرجوة من المشاريع.
تمثل خطة بنك التنمية الأفريقي فرصة مهمة للسودان للتغلب على التحديات الحالية وبناء أساس متين للتعافي والنمو. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطة يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة السودانية على التعاون مع شركاء التنمية وتوفير البيئة المناسبة لتنفيذ المشاريع المخطط لها. كما أن مشاركة القطاع الخاص في هذه الجهود يمكن أن يعزز من فعالية الخطة ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة.