Guiding You to Market Success
🔻 الحرب التجارية بين أمريكا والصين: من التصعيد إلى التحول الاستراتيجي
Blog post description.
الاخبار الاقتصادية العالمية
4/13/20251 دقيقة قراءة


🧩 البداية: تراكمات تاريخية وخلافات بنيوية
ترجع جذور الحرب التجارية بين الصين وأمريكا إلى سنوات طويلة من التوترات الاقتصادية غير المعلنة، لكن الشرارة الفعلية اندلعت في عام 2018، حين أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة عشرات المليارات من الدولارات. كانت الذريعة الرسمية هي "حماية الاقتصاد الأمريكي"، لكن الأسباب الحقيقية تعود إلى شكاوى مزمنة من العجز التجاري الأمريكي مع الصين، والذي كان يُعد من أكبر العجوزات في العالم، إضافة إلى اتهامات للصين بممارسات تجارية غير عادلة، مثل سرقة الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا القسري، والدعم الحكومي غير الشفاف لشركاتها.
بدأت واشنطن في فرض رسوم على بضائع صينية بقيمة 34 مليار دولار في يوليو 2018، وردّت بكين بالمثل، لتدخل الدولتان في دوامة من الرسوم الانتقامية امتدت على مدار عامين تقريبًا. في خضم ذلك، تم فرض تعريفات على أكثر من 360 مليار دولار من البضائع المتبادلة.
💣 أحداث التصعيد بين 2018 و2020: جولات متتالية من الرسوم
مع مرور الوقت، لم تقتصر الحرب التجارية على الرسوم الجمركية، بل أصبحت معركة اقتصادية متعددة الأوجه. فرضت أمريكا رسومًا جمركية على الإلكترونيات، السيارات، السلع الزراعية، والمعادن، بينما ردّت الصين بالمثل، مركزة على المنتجات الزراعية الأمريكية لإضعاف دعم ترامب في الولايات الزراعية قبل الانتخابات.
خلال هذه الفترة، خضعت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل هواوي وZTE لضغوط أمريكية كبيرة، شملت الحظر من التعامل مع الموردين الأمريكيين، بحجة الأمن القومي. أصبح من الواضح أن الحرب تتجاوز الاقتصاد إلى صراع على الهيمنة التكنولوجية، حيث رأت واشنطن أن صعود الصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والاتصالات يشكل تهديدًا استراتيجيًا.
وفي يناير 2020، تم توقيع ما سُمي بـ المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري، حيث التزمت الصين بشراء منتجات أمريكية إضافية بقيمة 200 مليار دولار خلال عامين، خاصة من القطاعات الزراعية والطاقة. ورغم أن الاتفاق خفف من حدة التوتر، إلا أنه لم يُنهِ الحرب فعليًا.
🌀 التحول تحت إدارة بايدن: التهدئة لا تعني التراجع
مع وصول الرئيس جو بايدن إلى الحكم في 2021، ظن البعض أن العلاقة بين واشنطن وبكين قد تعود إلى نمط أكثر دبلوماسية. لكن ما حدث فعليًا هو تغيير في الأسلوب دون تغيير في الهدف. أبقت إدارة بايدن على معظم الرسوم الجمركية المفروضة خلال حقبة ترامب، بل وأعادت التأكيد على أهمية "فك الارتباط الاستراتيجي" في بعض القطاعات، لا سيما أشباه الموصلات والتكنولوجيا المتقدمة.
أطلقت أمريكا عدة مبادرات لتقليل الاعتماد على الصين، مثل:
دعم الصناعات المحلية عبر قانون "CHIPS Act".
تشجيع سلاسل توريد بديلة من دول كالهند وفيتنام والمكسيك.
تعزيز التحالفات التجارية مع الاتحاد الأوروبي واليابان لمواجهة النفوذ الصيني.
وفي المقابل، بدأت الصين تتبنى سياسة "الاعتماد على الذات" لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية، خاصة في مجالات البرمجيات والرقائق.
🔍 من حرب تجارية إلى فصل اقتصادي: المشهد الحالي (2024-2025)
مع تعقيدات النظام العالمي بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وتوترات تايوان، أصبحت العلاقة الأمريكية الصينية أكثر توتراً وتعقيداً. لم تعد المسألة مجرد خلافات تجارية، بل صراع جيو-استراتيجي على النفوذ العالمي في مجالات الاقتصاد، التكنولوجيا، والجيش.
من أبرز الملامح الحديثة:
استمرار القيود على تصدير الرقائق المتقدمة إلى الصين.
ضغوط على الشركات الأمريكية للاستثمار خارج الصين.
تصاعد الحرب الإعلامية بين البلدين حول قضايا حقوق الإنسان، وأمن تايوان، والهيمنة على بحر الصين الجنوبي.
كما بدأت الشركات الكبرى الأمريكية والأوروبية تتحدث بوضوح عن "تقليل الاعتماد على الصين" أو ما يُعرف بـ De-risking بدلاً من فك الارتباط الكامل (Decoupling). هذا يعني أن العلاقة لن تنقطع، لكنها ستصبح أكثر حذراً واحترازاً، لا سيما في القطاعات الحساسة.
✅ الخلاصة: الحرب التجارية مستمرة ولكن بأدوات جديدة
يمكن القول إن الحرب التجارية بين الصين وأمريكا لم تنتهِ، بل تغيرت في الشكل والوسائل. بدأت برسوم جمركية، ثم تطورت إلى حظر تقني، والآن تتحول إلى إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية وسباق على النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي. هذه الحرب لن تُحسم بالاتفاقات التجارية فقط، بل ستستمر ضمن سياق أوسع من المنافسة بين قوى كبرى تتصارع على قيادة القرن الواحد والعشرين.